للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ وَمَذْهَبُهُ فِي جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُتَبَايِعْيَنِ إِذَا عَقَدَا بَيْعَهُمَا بِالْكَلَامِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ

قَالَ سُفْيَانُ الصَّفْقَةُ بِاللِّسَانِ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَعْنَى الْحَدِيثِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَقُلِ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ

وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ

وَقَالَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُمَا الْمُتَسَاوِيَانِ فَإِذَا قَالَ بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَلِلْبَائِعِ خِيَارُ الرُّجُوعِ فِيهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي

وَعَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانٍ نَحْوُهُ

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ التَّفَرُّقُ أَنْ يَتَرَاضَيَا بِالْبَيْعِ فَإِذَا تَرَاضَيَا فَقَدْ تَفَرَّقَا

قَالَ وَالتَّفَرُّقُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَوْلِ كَمَا يُقَالُ لِلْمُتَنَاظِرِينَ إِذَا قَامُوا عَنِ الْمَجْلِسِ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ افْتَرَقْتُمْ

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) النِّسَاءِ ١٣٠

وَأَمَّا افْتِرَاقُهُمَا بِالْكَلَامِ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ قَدْ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلِ الْآخَرُ قَدْ قَبِلْتُ فَهَذَا مَوْضِعُ خِيَارِ الْبَائِعِ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلْتُ فَقَدِ افْتَرَقَا وَتَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا

وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ التَّفَرُّقُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا قَامَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ صَاحِبُهُ بَطَلُ الْخِيَارُ

قَالَ وَفَائِدَةُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا لَمْ يُجِبِ الْبَائِعَ مِنْ فَوْرِهِ أَيْ قَدْ قَبِلْتُ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فَاسِدَانِ مُخَالِفَانِ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ وَظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِمَا لِلْبَائِعِ خَاصَّةً وَحَدِيثُ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ الْبَابِ يَقْتَضِي بفسادهما لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>