للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفا وخمس مائة وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَلْفًا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَتَرَادَّانِ لِأَنَّهُمَا قَدْ أَجْمَعَا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ

وَاخْتَلَفَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ مَا لَا يُقِرُّ بِهِ الْمُشْتَرِي فَهُمَا كَرَجُلَيْنِ ادعى أحدهما على الآخر ألف درهم وخمس مائة وَأَقَرَّ هُوَ بِأَلْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ عَادَ الْقِيَاسُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ يَتَرَادَّانِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ رَدَّ الْأَعْيَانِ فإذا ذَهَبَتِ الْأَعْيَانُ خَرَجَ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَا قَدْ فَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَا سَبِيلَ إِلَى رَدِّهِ وَصَارَ الْبَائِعُ مُدَّعِيًا لِثَمَنٍ لَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ))

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ - قَاضِي الْبَصْرَةِ - وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ صَاحِبِ مَالِكٍ إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ أَبَدًا كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُبْتَاعِ أَوْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً تَرَادَّاهَا وَإِنْ كَانَتْ فَائِتَةً تَرَادَّا قِيمَتَهَا

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إِنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُقِرَّ بِخُرُوجِ السِّلْعَةِ مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا بِصِفَةٍ قَدْ ذَكَرَهَا أَوْ ثَمَنٍ قَدْ وَصَفَهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ الْمُبْتَاعُ بِهِ

وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُقِرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ إِلَّا بِصِفَةٍ لَمْ يَصْدُقْهُ الْبَائِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ ثَمَنَهَا كَذَّبَهُ الْبَائِعُ فِيهِ

وَالْأَصْلُ أَنَّ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ إِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَإِقْرَارُهُ مَنُوطٌ بِصِفَةٍ لَمْ تَقُمْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ بِتَكْذِيبِهَا فَحَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ

وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِأَنْ يَبْدَأَ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ السِّلْعَةَ لَهُ فَلَا يُعْطَاهَا أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ فَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فِي أَخْذِهَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ إِنْ شَاءَ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ مَا ابْتَاعَ إِلَّا بِمَا ذَكَرَ كَدَعْوَى الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ ثُمَّ يُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَبِهَذَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ مُجْمَلَةً لَمْ تَخُصَّ كَوْنَ السِّلْعَةِ بِيَدِ وَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ وَلَا فَوْتَهَا وَلَا قِيَامَ عَيْنِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>