هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٍ
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِنْفَاذَهُ أَوْ فَسْخَهُ فَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ
هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ والليث بن سعد والأوزاعي وبن عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ طَاوُسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ هُمَا بِالْخِيَارِ أَبَدًا قَالَا هَذَا الْقَوْلَ أَوْ لَمْ يَقُولَا حَتَّى يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مَكَانِهِمَا لِلِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظِ الزَّائِدِ
وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ تُمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُمَا جَمِيعًا سَاعَةَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ
وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَتَى بِهِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مِنَ الْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ
وَهُوَ رأي بن الْقَاسِمِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّهُ إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَمْ يَأْتِ بِالثَّوْبِ لَزِمَ الْبَيْعُ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ لم يَتْبَعْهُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْضُ أَصْحَابِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إِلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ
فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيَجْعَلُ السُّلْطَانُ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخِيَارِ مَا يَكُونُ فِي مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا جَعَلَ الْخِيَارَ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَسَدَ الْبَيْعُ كَالْجُعْلِ الْفَاسِدِ وَالثَّمَنِ الْفَاسِدِ وَإِنْ أَجَازَهُ فِي الثَّلَاثِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ حَتَّى مَضَتِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَعْدَ الثَّلَاثِ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِيمَنِ اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَنَّهُ إِذَا أَجَازَهُ فِي الثَّلَاثِ جَازَ