صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يَكُونُ الْمَطْلُ مِنَ الْغَنِيِّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ طَالِبًا لِدَيْنِهِ رَاغِبًا فِي أَخْذِهِ فَإِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا غَنِيًّا وَمَطَلَهُ وَسَوَّفَ بِهِ فَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ وَالظُّلْمُ مُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ
وَقَدْ أَتَى الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي الظَّالِمِينَ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ فَقِهَهُ عَنْ قَلِيلِ الظُّلْمِ وَكَثِيرِهِ مُنْتَهِيًا وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَأَعْظَمُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لُقْمَانَ ١٣
وَقَالَ (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) طه ١١١
أَيْ خَابَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ بَعْضِهَا أَوْ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا ارْتَكَبَ مِنَ الظُّلْمِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) الْفُرْقَانِ ١٩
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ عَلَيْكُمُ الظُّلْمَ فَلَا تَظَالَمُوا وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ مُحَرَّمٌ)) ١٢ مُوجِبٌ لِلْإِثْمِ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اسْتِحْلَالِ عِرْضِهِ وَالْقَوْلِ فِيهِ وَلَوْلَا مَطْلُهُ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ مِنْهُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) النِّسَاءِ ١٤٨
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ
فَمَعْنَى قَوْلِهِ يُحِلُّ عِرْضَهُ أَيْ يُحِلُّ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَوْلَا مَطْلُهُ وَلَيَّهُ
وَمَعْنَى وَعُقُوبَتَهُ قَالُوا السِّجْنُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يُثْبِتَ عُسْرَتَهُ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ نَظِرَةٌ