وَأَمَّا مَنْ سَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَأْكُولِ أَوِ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ إِذَا قَبَضَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَجَلِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ
فروى أشهب وبن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ سَلَّمَ فِي كِبَاشٍ يُؤْتَى بِهَا فِي الْأَضْحَى فَلَمْ يَأْتِهِ بِهَا حَتَّى مَضَى الْأَضْحَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَخْذُهَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ فِي وَصَائِفَ فِي الشِّتَاءِ فَأَتَى بِهَا الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ فِي الصَّيْفِ أَوْ سَلَّمَ فِي قَمْحٍ لِإِبَّانٍ فَعَلُوا فِيهِ فَيَأْتِيهِ بَعْدَ كُلِّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَهُ
وَهَذَا مَعْنَى ما ذكره في ((الموطأ))
قاله بن وَهْبٍ
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ أَحَدُهَا - يَعْنِي الضَّحَايَا - إِذَا أَتَاهُ بِهَا بَعْدَ الْأَضْحَى بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ
قَالَ أَشْهَبُ قِيلَ لَهُ فَالرَّجُلُ يَتَكَارَى إِلَى الْحَجِّ فَيَأْتِيهِ بِهِ بَعْدَ إِبَّانِ الْحَجِّ أَيَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ يَعْنِي مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الضَّحَايَا وَالْوَصَائِفِ
قَالَ وَلَيْسَ الْحَجُّ مِنْ هَذَا فِيمَا أَرَى وَلَا هُوَ مِثْلُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَلْزَمَهُ مَالِكٌ أَخْذَ الضَّحَايَا بَعْدَ الْأَضْحَى وَالْوَصَائِفَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشِّتَاءِ قِيَاسًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى غَيْرِهَا مِنَ السِّلَعِ الْمُسْلَمِ فِيهَا وَعَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يَشْتَرِطُ فِيهَا أَجَلًا فَلَا يُوَفِّيهِ إِلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَمَنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَمْ أَدْفَعْ فِي ثَمَنِ مَا سَلَّمْتُ إِلَيْكَ فِيهِ مِنَ الضَّحَايَا وَشِبْهِهَا إِلَّا لِيَأْتِيَ بِهِ بِهَا فِي وَقْتٍ أَدْرَكَ سُوقَهَا فَلِذَلِكَ اشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ
وَقَاسَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي إِلَى الْحَجِّ لَا يَأْتِيهِ كَرْيُهُ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ أَوْ فِي وَقْتٍ لَا يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُ ذَلِكَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ فَجَاءَهُ بِهِ الْمُسَلِّفُ إِلَيْهِ خِلَافَ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ خَالَفَ فِي مَنْفَعَتِهِ أَوْ ثَمَنٍ كَانَ أَلَّا يَقْبَلَهُ
قَالَ وَلَوْ جَاءَهُ بِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَإِنْ كَانَ نُحَاسًا أَوْ تِبْرًا أَوْ عَرَضًا غَيْرَ مَأْكُولٍ وَلَا مَشْرُوبٍ وَلَا ذِي زَوْجٍ أَجْبَرْتُهُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا فَقَدْ يُرِيدُ أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ جَدِيدًا وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَلَا غِنَى بِهِ عَنِ الْعَلَفِ وَالرَّعْيِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ مُؤْنَةٌ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى وَقْتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ هَذَا إِذَا كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ لِمَا فِيهِ عَلَيْهِ مِنَ الْمُؤْنَةِ إِلَى وَقْتٍ مثله إلا يلزمه أَيْضًا إِذَا فَاتَتِ السُّوقُ وَالْمَوْسِمُ الَّذِي لَهُ قصد بالشراء