كَذَلِكَ أَوْقَاتُ الزَّكَاةِ لِأَنَّ حَوْلَ زَيْدٍ فِي الزَّكَاةِ غَيْرُ حَوْلِ عَمْرٍو وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ فَلَمْ تُشْبِهِ الصَّلَاةَ لِمَا وَصَفْنَا
وَأَمَّا مَنْ أَبَى جَوَازَ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ فَقَدْ تَأَوَّلَ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَعَلَى الْأَغْنِيَاءِ
وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْتَقْرَضَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَرُدَّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ لَهُمْ
وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّ الْمُسْتَقْرَضَ مِنْهُ غَنِيٌّ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمَسَاكِينِ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَقْرَضَ مِنْهُ وَهُوَ غَنِيٌّ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا احْتِجَاجَ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا ذَهَبَ كل واحد مِنْهُمَا إِلَيْهِ وَتَأْوِيلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ))
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِثْبَاتُ الْحَيَوَانِ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقْرَاضِ وَهُوَ الِاسْتِسْلَافُ
وَإِذَا جَازَ اسْتِقْرَاضُ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقْرَاضِ وَهُوَ الِاسْتِسْلَافُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ عَرَضٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبِضَ مَنْ أَسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ مِمَّنْ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ عَادَةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ أو أي أَوْ عَادَةٍ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى جَمَلًا رَبَاعِيًا خِيَارًا مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ فَقَضَى خَيْرًا مِنْهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلَا وَأْيٍ وَلَا عَادَةٍ كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيمَنْ اشْتَرَطَ لِلزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ أَنَّهُ رِبًا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَأَمَّا الْعَادَةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ حَرَامًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute