للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ فَيَسُومُ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ

قَالَ وَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِهَا أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ وَدَخَلَ عَلَى الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ الْمَكْرُوهُ وَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)) أَنْ يَقُولَ عِنْدِي خَيْرٌ مِنْهُ

وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ

قَالُوا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ إِذَا جَنَحَ الْبَائِعُ إِلَى بَيْعِهِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)) أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ سِلْعَةً فَيَقْبِضَهَا وَلَمْ يَفْتَرِقَا وَهُوَ مُغْتَبِطٌ بِهَا غَيْرُ نَادِمٍ عَلَيْهَا فَيَأْتِيَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ مَنْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ مِثْلَ سِلْعَتِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهَا بِأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ فَيَفْسَخُ بَيْعَ صَاحِبِهِ لِأَنَّ الْخِيَارَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيَكُونُ هَذَا فَسَادًا

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ)) نَحْوُ مَذْهَبِ مَالِكٍ

وَمَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبَةٌ مُتَدَاخِلَةٌ وَكُلُّهُمْ يَكْرَهُونَ أَنْ يَسُومَ الرَّجُلَ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ أَوْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ بَعْدَ الرُّكُونِ وَالرِّضَا عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ

وَالْبَيْعُ عِنْدَهُمْ مَعَ ذَلِكَ صَحِيحٌ لِأَنَّ سَوْمَ الْمُسَاوِمِ لَمْ يَتِمَّ بِهِ عَقْدُ بَيْعٍ وَقَدْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلَّا يُتِمَّهُ إِنْ شَاءَ

وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يَفْسَخُونَهُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَسْخُهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَفُتْ وَفَسْخُ النِّكَاحِ مَا لَمْ يَفُتْ بِالدُّخُولِ

وَقَدْ أنكر بن الْمَاجِشُونَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي البيع قال وإنما قال ذلك في نكاح الَّذِي يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ بَعْدَ الرُّكُونِ إِلَيْهِ وَنَكَحَ عَلَى ذَلِكَ فِي صَدْرِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>