الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصَحَ أَخَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)) لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثَانِ يُسْتَعْمَلُ الْعَامُّ مِنْهُمَا فِي مَا عَدَا الْمَخْصُوصَ
وَمَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ نَفْعُ أَهْلِ السُّوقِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَاضِرَةِ
وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنَى عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ أَنَّهُ فِي صَاحِبِ السِّلْعَةِ الْجَالِبِ لَهَا إِلَى الْمِصْرِ أَلَّا يَخْدَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى السُّوقِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ))
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِالْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حدثني سفيان عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن لا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ فِي زَمَانِهِ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا الْيَوْمَ فليس به بأس
قال بن أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مسلم الخياط سمع بن عُمَرَ يَنْهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ
قَالَ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ ((لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ)) فَهُوَ مَنْ صَرَّيْتُ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ وَالْمَاءَ فِي الْحَوْضِ فَالشَّاةُ مُصَرَّاةٌ
وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ وَهِيَ الْمُحَفَّلَةُ سُمِّيَتْ مُصَرَّاةً لِأَنَّ اللَّبَنَ صُرِّيَ فِي ضَرْعِهَا أَيَّامًا حَتَّى اجْتَمَعَ وَكَثُرَ
وَمَعْنَى صَرَّى حَبَسَ وَجَمَعَ وَلَمْ يَحْلُبْ حَتَّى عَظُمَ ضَرْعُهَا لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ لَبَنُ لَيْلَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَغْتَرَّ بِمَا يَرَى مِنْ عِظَمِ ضَرْعِهَا