للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((وَتَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِرُوحِ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا لَهُ هَلْ عَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا فَقَالَ مَا أَذْكُرُ أَنِّي عَمِلْتُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَطُّ فَقِيلَ لَهُ اذْكُرْ فَقَالَ مَا أَذْكُرُ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَجُلًا أُدَايِنُ النَّاسَ فَكُنْتُ آمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عَنِ الْمُعْسِرِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ((تَجَاوَزُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّجَاوُزِ))

قَالَ مَالِكٌ فِي الرجل يشتري الإبل أو الغنم أو البر أَوِ الرَّقِيقَ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافًا إِنَّهُ لَا يَكُونُ الْجِزَافُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُعَدُّ عَدًّا

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا كُرِهَ الْجِزَافُ فِي الْمَعْدُودَاتِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنَ الْغَرَرِ الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ

وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ وَالثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ الْجِزَافُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ بَيِّنٌ إِذَا تَرَكَ عَدَّهُ وَقَدْ أَمْكَنَ تَأَوُّلُهُ وَتَقْلِيبُهُ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِيهِ كَانَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَكَانَ أَشَدَّ فَسَادًا

وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْجِزَافُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ بَيِّنٌ

وَقَدِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْبَيْضِ عَدًّا وَصَغِيرُ ذَلِكَ وَكَبِيرُهُ سَوَاءٌ

وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زُفَرَ قَالَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ الرُّمَّانُ وَالْبَيْضُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُضْبَطُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نَصَفٌ فَإِنْ ضُبِطَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ جَازَ فِيهِ السَّلَمُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ ولا في الْبَيْضِ وَلَا فِي الرُّمَّانِ إِلَّا أَنْ يُضْبَطَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ

وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الطَّرِيِّ إِذَا سَمَّى جِنْسًا مِنَ الْحِيتَانِ وَيُشْتَرَطُ الطُّولُ أَوْ يَكُونُ وَزْنًا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ وَزْنًا وَيَصِفُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا

وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْأَشْهُرُ عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ الطَّرِيِّ وَالْمَالِحِ وَزْنًا مَعْلُومًا

<<  <  ج: ص:  >  >>