فَضْلٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْمَالِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ بِيعَتِ الْجَارِيَةُ حَتَّى يُجْبَرَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِهَا
قال ابو عمر ذكر بن وَهْبٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مُوَطَّئِهِ عَلَى مَا فِي (الْمُوَطَّأِ) لَمْ يَعْتَبِرْ فَضْلَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ وَطِئَهَا وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ قِيمَتَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَفَّى بِهِ الْمَالُ رَأْسَ مَالِهِ
قَالَ بن وَهْبٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ أَقِفُ فِيهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَقَعَ لَهُ رِبْحٌ فِي الْمَالِ فَعَلَيْهِ حَدُّ الزَّانِي وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا رِبْحٌ جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَإِنْ حَمَلَتْ قُوِّمَتْ وَدُفِعَتْ إِلَيْهِ وَرَدَّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ مَا قَارَضَهُ فِيهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا ابْتَاعَ جَارِيَتَيْنِ فَأَعْتَقَ إِحْدَاهُمَا وَأَحْبَلَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يُنْتَزَعَانِ مِنْهُ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْوَلَدُ لِأَبِيهِ بِقِيمَتِهِ فَمَا نَقَصَ مِنَ الْقِرَاضِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَذْكُرْ فَرْقًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلَهُ
وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إن وطىء الْجَارِيَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَاقُهَا لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ بِالشُّبْهَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهَا شَيْئًا مَلِكًا صَحِيحًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ حُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ نَاضًّا كَمَا أَخَذَهُ وَتُبَاعُ الْجَارِيَةُ فِي الْقِرَاضِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ حَمَلَتْ ضَمِنَهَا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا جَعَلَ قِيمَتَهَا فِي الْقِرَاضِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِيعَتْ لِأَنَّهَا مَالُ غَيْرِهِ أَرَادَ اسْتِهْلَاكَهُ وَلَا مَالَ لَهُ
هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ عِنْدِي وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ فِي الْقِرَاضِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ وَلَوِ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَبَاهُ بِمَالِ رَبِّ الْمَالِ فَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَنِضَّ وَهُوَ لَا يَنِضُّ إِلَّا وَقَدْ بَاعَ أَبَاهُ
قَالَ وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ نَضًّا كَانَ شَرِيكًا وَكَانَ لَهُ النَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا زَائِدًا مَلَكَهُ نَاقِصًا
وَلَيْسَ هَذَا سُنَّةَ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيكٍ فِي نَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَإِنَّمَا لَهُ إِذَا حَصَلَ رَأْسُ الْمَالِ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ حِينَئِذٍ وَلَهُ فِي الزَّكَاةِ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ قَوْلَانِ هَذَا أَظْهَرُهُمَا فِي مَذْهَبِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّ الْعَامِلَ لَوِ اشْتَرَى بِالْمَالِ عَبْدًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَتْقُهُ وَلَا يَقُومَنَّ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا