وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْوَرِقِ وَلَا بِالْعُرُوضِ
وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ قَالَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهَا إِذَا استؤجرت وحضرها الْمُسْتَأْجِرُ وَأَصْلَحَهَا لَعَلَّهُ أَنْ يَحْرِقَ زَرْعَهُ فَيَرُدَّهَا وَقَدْ زَادَتْ وَانْتَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْتَفِعِ الْمُسْتَأْجِرُ فَمِنْ هُنَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا كَرِهَ كِرَاءَهُ مِنْ كَرِهَهُ لِلْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُجِزْ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَأَبِي مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ضَمْرَةَ بْنِ ربيعة عن بن شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا وَلَا يُؤَاجِرْهَا)
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي (التَّمْهِيدِ)
وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِمَنْ شَاءَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ وَرَجُلٌ اكْتَرَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ)
قَالُوا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ وَالتَّوْفِيقِ
وَهُوَ مَذْهَبُ رَبِيعَةَ وسعيد بن المسيب
وروى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى باسا بكراء الارض البيضاء بالذهب والورق
وبن عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عباس
وبن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بِكِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بَأْسًا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ