قال بن الْقَاسِمِ لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ فَيَكْتُبُ لَهُ الْقَاضِي الَّذِي بِمَكَانِهِ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنَ اشْتِرَائِهِ وَمَا يَطْلُبُ مِنْ قَطْعِ الشُّفْعَةِ عَنْهُ فَيُوقِفُهُ فَإِمَّا أَخَذَ وَإِمَّا تَرَكَ فَإِنْ تَرَكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ
قَالَ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا تَرَى الْقُرْبَ الَّذِي يَقْطَعُ الشُّفْعَةَ قَالَ مَا وَقَّتَ لَنَا مَالِكٌ فِيهِ شَيْئًا قَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ وَالرَّجُلُ الضَّعِيفُ على البريد فلا يستطع أَنْ يَنْهَضَ وَلَا يُسَافِرَ فَلَمْ يَحِدَّ لَنَا حَدًّا وَإِنَّمَا فِيهِ اجْتِهَادٌ لِلسُّلْطَانِ عَلَى أَفْضَلِ مَا يَرَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا شُفْعَةُ الْغَائِبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الْحِصَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا شَرِيكٌ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ ثُمَّ قَدِمَ فَعَلِمَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ مَعَ طُولِ مُدَّةِ غَيْبَتِهِ
وَاخْتَلَفُوا إِذَا عَلِمَ فِي حَالِ الْغَيْبَةَ
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَمْ يَشْهَدْ حِينَ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ مَتَى قَدِمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ أَبَدًا حَتَّى يَقْدَمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا إِشْهَادًا
وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي أَمَدِ شُفْعَةِ الْحَاضِرِ الْعَاجِلِ فَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ حَيْثُ رَسَمَهُ مَالِكٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ (الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ) أَوْ قَالَ (بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا إِذَا كَانَ غَائِبًا)
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عن حميد الازرق قال مضى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً يَعْنِي لِلْغَائِبِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُوَرِّثُ الْأَرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ ثُمَّ يُولَدُ لِأَحَدِ النَّفَرِ ثُمَّ يَهْلَكُ الْأَبُ فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَإِنَّ أَخَا الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ عُمُومَتِهِ شُرَكَاءِ أَبِيهِ
قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ فِي مِيرَاثِ الشُّفْعَةِ وَهَلْ تُوَرَّثُ أَوْ لَا تُوَرَّثُ وَفِي كَيْفِيَّةِ الشُّفْعَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ هَلْ هِيَ لِلْكَبِيرِ كَالْوَلَاءِ وَهَلْ تَدْخُلُ الْعَصَبَةُ فيها على ذوي الفروض أَوْ يَدْخُلُ بَعْضُ أَهْلِ السِّهَامِ فِيهَا عَلَى بعض