قَدْ حَصَلُوا شُرَكَاءَ فِي الشِّقْصِ وَشُرَكَاءَ فِي (السَّهْمِ) فَكَانُوا أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ شَرِيكٌ فِي الشِّقْصِ خَاصَّةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَدْلَوْا بِسَبَبَيْنِ وَكَانُوا أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ أَوْلَى بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ الشَّرِيكَانِ يَكُونُ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ فِي شَيْءٍ
وَالْحُجَّةُ عِنْدِي لِمَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الشُّفْعَةَ أَوْجَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَخُصَّ شَرِيكًا مِنْ شَرِيكٍ فَكُلُّ شَرِيكٍ فِي الشِّقْصِ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِعُمُومِ السُّنَّةِ وَظَاهِرِ الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ إِنْ كَانَ قَلِيلًا فَقَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَبِقَدْرِهِ وَذَلِكَ إِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الشُّفْعَةَ بِالْحِصَصِ مِثَالُ ذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصْفَهُ وَوَجَبَ لِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ الثُّلُثَيْنِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ الثُّلُثَ
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم شريح القاضي وعطاء وبن سِيرِينَ ثَلَاثَةُ أَئِمَّةٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْصَارٍ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الرُّؤُوسِ وَأَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِيهَا سَوَاءٌ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ
وَسَيَأْتِي اخْتِلَافُهُمْ فِي أُجْرَةِ الْقَسَّامِ هَلْ هِيَ عَلَى الرُّؤُوسِ أَوْ عَلَى السِّهَامِ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْأَقْضِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ شُرَكَائِهِ حَقَّهُ فَيَقُولُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنَا آخُذُ مِنَ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِي وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا أَسْلَمْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَدَعَ فَدَعْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا خَيَّرَهُ فِي هَذَا وَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا أَوْ يُسْلِمَهَا إِلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى نَحْوِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ قال فان