قَالَ الْمُزَنِيُّ وَلَوِ اشْتَرَى شِقْصًا وَهُوَ شَفِيعٌ فَجَاءَ شَفِيعٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِيَ خُذْهَا كُلَّهَا بِالثَّمَنِ أَوْ دَعْ فَقَالَ هُوَ بَلْ آخُذُ نِصْفَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْزَمَ شُفْعَةَ غَيْرِهِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْأَرْضَ فَيَعْمُرُهَا بِالْأَصْلِ يَضَعُهُ فِيهَا أَوِ الْبِئْرَ يَحْفِرُهَا ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ إِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ فَإِنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ كَانَ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيمَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْبُنْيَانِ قَائِمًا لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ وَحَقِّهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ مَا اشْتَرَى وَإِنْ كَانَ فِيهِ شُفْعَةٌ أَخْبَرَهُ فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِلشَّفِيعِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ - إِنْ شَاءَ شَفَعَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَشْفَعْ فَكَأَنَّهُ إِذَا شَفَعَ بَيْعٌ حَادِثٌ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْبَانِيَ مُتَعَدٍّ بِبُنْيَانِهِ فِيمَا فِيهِ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا قِيمَةُ بُنْيَانِهِ مَعْلُومًا - إِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ أَوْ يَأْخُذُهُ بِنِصْفِهِ
وَكَذَلِكَ لَوْ قَسَمَ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَبَنَى فِي نَصِيبِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فَإِنْ قَضَى الْحَاكِمُ بِالْقِسْمَةِ وَحَكَمَ بها لما ثبت ما يوجب ذ لك وَأَقَامَ لِلْغَائِبِ وَكِيلًا فِي الْقِسْمَةِ فَقَسَمَ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ وَبَنَى فِيهَا فَهُوَ - حِينَئِذٍ - غَيْرُ مُتَعَدٍّ
فَإِنِ اسْتَحَقَّ الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ مُشَاعَةً لَمْ يَمْنَعْهُ قَضَاءُ الْقَاضِي شُفْعَتَهُ لِأَنَّ الْغَائِبَ عَلَى شُفْعَتِهِ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ فَيَتْرُكَ فَإِنْ عَلِمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْعِلْمِ قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَفَعَ إِذَا قَدِمَ إِنْ شَاءَ وَأَعْطَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ وَقِيمَةَ الْبُنْيَانِ تَامًّا لِأَنَّهُ بَنَى فِي غَيْرِ اعْتِدَاءٍ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ قَالَ وَمَنِ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ حَضَرَ شَفِيعُهَا فَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي انْقُضْ بِنَاءَكَ لِأَنَّكَ بَنَيْتَهُ فَمَا كَانَ الشَّفِيعُ أَوْلَى بِهَا مِنْكَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الشَّفِيعُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُعْطِيَهُ قِيمَةَ بُنْيَانِهِ مَنْقُوضًا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ
فَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ
قَالَ وَبِهِ قَالَ احمد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute