للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمًا وَلَا رَدَّ بِهِ قَضَاءً سَلَفَ مِنْهُ مُجْتَهِدًا فِيهِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ (الظَّاهِرُ)

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) فَفِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ بِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالظَّاهِرِ الَّذِي يَعْتَدُّ (بِهِ) لَا يُحِلُّ حَرَامًا فِي الْبَاطِنِ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ (عَلَى) أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ صَحِيحٌ كَمَا وَصَفْنَا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الْبَقَرَةِ ١٨٨

وَاخْتَلَفُوا فِي حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ أَوْ عَقْدِهَا بِظَاهِرِ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَكَمُ (وَهُوَ خِلَافُ الْبَاطِنِ) فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْأَمْوَالُ وَالْفُرُوجُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهِيَ حُقُوقٌ كُلُّهَا لَا يَحِلُّ مِنْهَا الْقَضَاءُ الظَّاهِرُ مَا هُوَ حَرَامٌ فِي الْبَاطِنِ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) وَلَمْ يَخُصَّ حَقًّا مِنْ حَقٍّ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ

وَقَالُوا فِي رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَبِلَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمَا عِنْدَهُ وَهُمَا قَدْ تَعَمَّدَا الْكَذِبَ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ إِنَّهُ جَائِزٌ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ شَهَادَتِهِ كَاذِبًا

(وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ) لِأَنَّهَا لَمَّا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ فِي الظَّاهِرِ كَانَ الشَّاهِدُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً لان قضاء الْقَاضِيَ (وَحُكْمَهُ) فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَانْقَطَعَتْ عِصْمَتُهَا مِنْهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا حَلَّتْ لِزَوْجٍ غَيْرِهِ

(وَاحْتَجُّوا بِحُكْمِ اللِّعَانِ) وَقَالُوا مَعْلُومٌ أَنَّ الزَّوْجَةَ إِنَّمَا وَصَلَتْ إِلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا بِاللِّعَانِ الْكَاذِبِ الَّذِي لَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ كَذِبَهَا فِيهِ مَا فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَلَا حَكَمَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا (الْجَلْدِ) أَوِ الرَّجْمِ

قَالُوا فَلَمْ يَدْخُلْ هَذَا فِي مَعْنَى (قَوْلِ) النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ)

قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ أَوِ بِالطَّلَاقِ وَقَضَى الْقَاضِي (عَلَيْهِ) بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ وَجَازَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ التسليم له

<<  <  ج: ص:  >  >>