وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ لِلْخُصُومِ الَّتِي يَرَى اللَّهُ فِيهَا الْأَجْرَ وَيَحْسُنُ فِيهَا الذِّكْرُ فَمَنْ خَلَصَتْ نِيَّتُهُ كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ غَيْرَهُ شَانَهُ اللَّهُ فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللَّهِ فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ والسلام عليك وَرَحْمَةُ اللَّهِ
وَهَذَا الْخَبَرُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) مِنْ وُجُوهٍ (كَثِيرَةٍ) مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَذْهَبُ نَحْوَ مَذْهَبِ الْحَسَنِ
قَالَ اللَّيْثُ أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يُلْتَمَسُ مِنَ (الشَّاهِدِ) تَزْكِيَةٌ إِنَّمَا كَانَ الْوَالِي يَقُولُ لِلْخَصْمِ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَنْ تَجْرَحُ شَهَادَتَهُمْ (فَأْتِ بِهِمْ وَإِلَّا أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمْ) عَلَيْكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الطَّلَاقِ ٢ وَقَوْلِهِ (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) الْبَقَرَةِ ٢٨٢ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ إِلَّا الْعَدْلُ الرَّضِيُّ وَأَنَّ مَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ حَتَّى تُعْلَمَ الصِّفَةُ (الْمُشْتَرَطَةُ)
وَقَدِ اتَّفَقُوا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَكَذَلِكَ كَلُّ شَهَادَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي (الْمَسْأَلَةِ عَنِ) الشُّهُودِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُهُمُ الْقَاضِي
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَقْضِي (الْقَاضِي) بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ فَإِذَا عُدِّلُوا سَأَلَ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ عَلَانِيَةً لِيَعْلَمَ الْمُعَدَّلَ سِرًّا أَحَقٌّ ذَاكَ أَمْ لَا لانه وَافَقَ اسْمٌ اسْمًا وَنَسَبٌ نَسَبًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَسْأَلُ عَنِ الشُّهُودِ (فِي السِّرِّ) إِلَّا أَنْ يَطْعَنَ فِيهِمُ الْخَصْمُ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَيُزَكِّيهِمْ فِي الْعَلَانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ عَلَيْهِمُ الْخَصْمُ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بن عاصم عن بن شُبْرُمَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ سَأَلَ فِي السِّرِّ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْقَوْمِ إِذَا قِيلَ لَهُ هَاتِ مَنْ يُزَكِّيكَ فَيَسْتَحِي الْقَوْمُ مِنْهُ فَيُزَكُّونَهُ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي السِّرِّ فَإِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ قُلْتُ هَاتِ مَنْ يُزَكِّيكَ فِي العلانية