للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال حدثني (بن) الْمُفَسِّرِ - أَبُو أَحْمَدَ - بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ (يُوسُفَ) عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَدْرَكْتُ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ (لَا) يُجِيزُونَ (إِلَّا) شَهَادَةَ عَدْلَيْنِ ثُمَّ أَخَذَتِ النَّاسُ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ (وَيَمِينَ صَاحِبِ الْحَقِّ

قَالَ مَعْمَرٌ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينٍ)

وَقَالَ عَطَاءٌ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْقُرْآنِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا جَهْلٌ وَعِنَادٌ وَكَيْفَ يَكُونُ خِلَافَ الْقُرْآنِ وَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ

كَنَحْوِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا مَعَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النِّسَاءِ ٢٤

مَثَلُ ذَلِكَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ غَسْلِهِمَا

وَكَتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) الْآيَةَ الْأَنْعَامِ ١٤٥

وَكَذَلِكَ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) الْبَقَرَةِ ٢٨٢

بَلْ هَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) الْبَقَرَةِ ٢٨٢

لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ بِالشَّهِيدِينَ وَبِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ (اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) وَشَرِيعَةِ دِينِهِ (فِي كِتَابِهِ) وَعَلَى سَنَةِ نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَضَاءِ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ

وَالَّذِينَ يَرْفَعُونَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ يَقْضُونَ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ وَيَقْضُونَ مَعَاقِدَ الْقِمْطِ وَأَنْصَافَ اللَّبَنِ وَالْجَزُوعِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْحِيطَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ

فَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ وَسَنَّهُ لِأُمَّتِهِ

وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ قَالُوا (الْيَمِينُ) إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلنَّفْيِ لَا لِلْإِثْبَاتِ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>