رَوَى هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ قَرْضًا وَرَهَنَهُ رَهْنًا وَقَالَ لَهُ إِنْ أَتَيْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَكَ بِمَا فِيهِ
قَالَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ هُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ لَا يَغْلَقُ
وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) إِنَّمَا هُوَ فِي الرَّهْنِ الْقَائِمِ الْمَوْجُودِ لَا فِيمَا هَلَكَ مِنَ الرُّهُونِ وانه لياخذه المرتهن اذا حل الاجل بماله عَلَيْهِ مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي أَبْطَلَتْهُ السُّنَّةُ وَجَعَلَتْ صَاحِبَهُ أَوْلَى بِهِ إِذَا أَرَادَ افْتِكَاكَهُ فَأَدَّى دَيْنَهُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) أَهْوَ الرَّجُلُ يَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ بِمَالِكَ فَهَذَا الرَّهْنُ لَكَ قَالَ نَعَمْ
قَالَ مَعْمَرٌ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ لَمْ يَذْهَبْ حَقُّ هَذَا إِنَّمَا هَلَكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - قَدِيمًا وَحَدِيثًا - مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الرَّهْنِ يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَيُتْلَفُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ وَلَا تَضْيِيعٍ فقال مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَخْفَى هَلَاكُهُ نَحْوَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالسَّيْفِ وَاللِّجَامِ وَسَائِرِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَتَاعِ وَيَخْفَى هَلَاكُهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إِنْ هَلَكَ وَخَفِيَ هَلَاكُهُ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ ذَهَبَ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِفَضْلِ قِيمَةِ الرَّهْنِ
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الدَّيْنِ ذَهَبَ بِمَا فِيهِ
وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ أَتَمَّ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دَيْنَهُ
وَإِنِ اخْتَلَفَا فَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابٍ بَعْدَ هَذَا حَيْثُ ذَكَرَهُ مَالِكٌ - رحمه الله
وكان مالك وبن الْقَاسِمِ يَذْهَبَانِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّهْنِ أَنَّهُ إِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِهِ فَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ أَوْ يُضَيِّعَهُ فَيَضْمَنَ
وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ خَفِيَ هَلَاكُهُ أَوْ ظَهَرَ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْبَتِّيِّ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي الرَّهْنِ إِذَا كَانَ مِمَّا يَظْهَرُ