يَظُنُّ أَنَّ مَاءَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَلَدٍ وَاحِدٍ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) الْحُجُرَاتِ ١٣ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى
أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَضَى بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَقَالَ (وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ)
قَالَ أَحْمَدُ إِذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَرَى الْقَافَةَ فَبِأَيِّهِمْ أَلْحَقُوهُ لَحِقَ بِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ واصحاب إِذَا قَالَتِ الْقَافَةُ قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ أَنْ يوقف الصبي حتى يبلغ فيه فيقال لَهُ (وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ) وَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْمُوَالَاةِ كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ
وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَقَفَ مِيرَاثُ الْوَلَدِ مِنْهُ فَإِنْ وَالَاهُ أَخَذَ مِيرَاثَهُ وَإِنْ وَالَى الْحَيَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ
وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا قبل البلوغ فها هنا اخْتَلَفُوا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي كِتَابِ (اخْتِلَافِ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ)
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ أَمْ لَا
فَعِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ روايتان
(احدهما) لَا يُقْبَلُ إِلَّا قَائِفَانِ
(وَالْأُخْرَى) يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَالْحَاكِمِ لَا كَالشُّهُودِ
وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ وعليه اكثر اصحابهف
وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِيهِ إِلَّا قَائِفِينَ جَعَلَهُمَا كَالشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ عِنْدِي أَحْوَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا كَانَ صَغِيرًا انْتُظِرَ بِهِ الْبُلُوغُ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً فَلَا يَكُونُ ابْنًا لَهُمَا وَلَكِنْ يُوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى مَا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَفِي دُعَاءِ عُمَرَ لَهُ الْقَافَةُ حِينَ ادَّعَاهُ اثْنَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ ابْنًا لِاثْنَيْنِ أَبَدًا وَإِنَّمَا دَعَا لَهُ الْقَائِفُ لِيُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَلَمَّا قَالَ اشْتَرَكَا فِيهِ قَالَ لَهُ وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) الْأَحْزَابِ