للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا اذا جحده بعض الورثة واقر بَعْضُهُمْ

فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الِابْنِ الْوَاحِدِ يُقِرُّ بِهِ الْأَخُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

وَأَمَّا إِقْرَارُ الْوَارِثِ بِدَيْنٍ إِذَا أَنْكَرَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَالَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِي الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا يُصِيبُهُ فِي حِصَّتِهِ إِذَا كَانَتِ ابْنَةٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهَا فَالنِّصْفُ وَإِنْ كَانَتْ أُمًّا فَالثُّلُثُ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجًا فَالرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ وَإِنْ كَانَ أَخًا لِأُمٍّ فَالسُّدُسُ

عَلَى هَذَا جَمَاعَتُهُمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ كَالْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ وَكَالْإِقْرَارِ بِالْوَصِيَّةِ

الا ما ذكره بن حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ مَالِكٍ وَهْمًا لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِوَارِثٍ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلْ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى بن حَبِيبٍ قَوْلَهُ هَذَا

وَكَانَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ الله - ينكر على بن حَبِيبٍ كُلَّ الْإِنْكَارِ يُنْكِرُ وَيَقُولُ لَا أَعْرِفُ ما حكاه بن حَبِيبٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالدَّيْنِ مِنَ الْوَرَثَةِ إِلَّا بِمِقْدَارِ مِيرَاثِهِ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالدَّيْنِ أَدَاءُ الدَّيْنِ كُلِّهِ مِنْ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرِثَ وَعَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ وَجَعَلُوا الْجَاحِدَ كَالْغَاصِبِ بِبَعْضِ مَالِ الْمَيِّتِ

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْغَصْبِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ

وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَارِثًا وَاحِدًا وَأَقَرَّ لَزِمَهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَرِثْ إِلَّا مَا فَضَلَ عَنِ الدَّيْنِ

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إِقْرَارَ الْمُقِرِّينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ ثَبَتَتْ عَلَيْهِمْ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَلَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمِ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إِلَّا مِقْدَارُ حِصَّتِهِ من الميراث

<<  <  ج: ص:  >  >>