للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْجَارُ وَتَهَدَّمَتِ الْآبَارُ وَعَادَتْ كَأَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَهِيَ لِمُحْيِيهَا الثَّانِي بِخِلَافِ مَا يَمْلِكُهُ بِخَطِّهِ أَوْ شِرَاءٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ شَيْئَانِ عَامِرٌ وَمَوَاتٌ فَالْعَامِرُ لِأَهْلِهِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا يَصْلُحُ بِهِ الْعَامِرُ مِنْ قِنَاءٍ وَطَرِيقٍ وَسُبُلِ مَاءٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ كَالْعَامِرِ فِي أَنْ لَا يَمْلِكَ عَلَى أَهْلِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

قَالَ وَالْمَوَاتُ شَيْئَانِ

مُوَاتٌ قَدْ كَانَ عَامِرًا لِأَهْلِهِ مَعْرُوفًا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَهَبَتْ عَنْهُ عمارته فصار مَوَاتًا فَذَلِكَ كَالْعَامِرِ هُوَ لِأَهْلِهِ أَبَدًا لَا يَمْلِكُ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ

وَالْمَوَاتُ الثَّانِي مَا لَمْ يَمْلِكْهُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا عُمِّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عِمَارَةً وَرِثَتْهَ فِي الْإِسْلَامِ فَذَلِكَ الْمَوَاتُ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ لَهُ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْإِحْيَاءُ مَا عَرَفَهُ النَّاسُ إِحْيَاءً لمثل المحيا ان كان مسكنا فانه يَبْنِيَ بِنَاءً مِثْلَهُ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ

قَالَ وَأَقَلُّ عِمَارَةِ الْأَرْضِ الزَّرْعُ فِيهَا وَحَفْرُ الْبِئْرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ

قَالَ وَمَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا وَجَحَدَهَا وَلَمْ يُعَمِّرْهَا رَأَيْتُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقُولَ لَهُ إِنْ أَحْيَيْتَهَا وَإِلَّا خَلَّيْنَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْيِيهَا فَإِنْ تَأَجَّلَهُ رَأَيْتُ أَنْ يَفْعَلَ

قَالَ فَإِذَا أَحْيَا الْأَرْضَ بِمَا تُحْيَى بِهِ مَلَكَهَا مِلْكًا صَحِيحًا لَمْ تَخْرُجْ عَنْهُ أَبَدًا وَلَا عَنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ إِلَّا بِمَا تَخْرُجُ بِهِ الْأَمْلَاكُ عَنْ أَرْبَابِهَا

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَمَذْهَبُهُ أَنَّ كُلَّ الْأَرْضِ يَمْلِكُهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لَا يَزُولُ مِلْكُهَا عَنْهَا بِخَرَابِهَا وَكُلُّ مَا قَرُبَ مِنَ الْعُمْرَانِ فَلَيْسَ بِمُوَاتٍ وَمَا بَعُدَ مِنْهُ فَلَمْ يُمْلَكْ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوَاتٌ

وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ

وَذَكَرَ أَصْحَابُ (الْإِمْلَاءِ) عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَوَاتَ هُوَ الَّذِي إِذَا وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى أَدْنَاهُ مِنَ الْعَامِرِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ فِي أَقْرَبِ الْعَامِرِ إِلَيْهِ

وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَحْتَاجُ فِي إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا يَصِحُّ الْإِحْيَاءُ لِلْمَوَاتِ إِلَّا بِإِقْطَاعٍ مِنَ الْإِمَامِ

فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعُمْرَانِ فَلَا يُحَازُ وَلَا يُعَمَّرُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْأَرْضِ فَلَكَ أَنْ تُحْيِيَهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>