للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارِ وَبِرِّهِ - إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ - وَهُوَ مِثْلُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا) وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ النَّدْبُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الزَّوْجُ مِنَ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فِي ذلك

وقال بن الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ)

قَالَ مَالِكٌ مَا أَرَى أَنْ يُقْضَى بِهِ وَمَا أَرَاهُ إِلَّا مِنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم

قال بن الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ حَائِطٌ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ سُتْرَةً يَسْتَتِرُ بِهَا مِنْهُ

قَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ

وَقَالَ آخَرُونَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْجِدَارِ

وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَمْنَعَ الْجَارُ جَارَهُ مِنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى ان هُرَيْرَةَ رَأَى الْحُجَّةَ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَرَى مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَمْلِهِ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَرِهُوا وَلَوْلَا أَنَّهُ فَهِمَ فِيمَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى الْوُجُوبِ مَا كَانَ لِيُوجِبَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ

وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَضَى بِهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِلضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ

وَقَضَى بِمِثْلِ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَلَى جَدِّ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ

وَالْقَضَاءُ بِالْمِرْفَقِ خَارِجٌ بِالسُّنَّةِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) لِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ التَّمْلِيكُ وَالِاسْتِهْلَاكُ وَلَيْسَ الْمِرْفَقُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَغَيْرُ وَاجِبٍ أَنْ يُجْمَعَ مَا فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَحَكَى مَالِكٌ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قاض يقضي به يسمى (المطلب)

وروى بن نَافِعٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَمْنَعُ احدكم جاره

<<  <  ج: ص:  >  >>