للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا هُوَ الْحَالَةُ بِعَيْنِهَا بِدَلِيلِ رِوَايَةِ يُونُسَ بن عبيد عن نافع عن بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ)

وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ وَقَوْلُهُ (إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أُحِيلَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ لَمْ تَصِحَّ الْإِحَالَةُ

وَفِي ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ لَكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُحِيلَ إِذَا غَرَّ الْمُحَالَ مِنْ فَلَسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُلْزِمُهُ الْحَوَالَةُ وَلَهُ رُجُوعُهُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُحَالِ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْمَلِيءَ فِي الْحَوَالَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ يُوجِبُ غُرْمَ الْمَالِ

وَلَا حُجَّةَ عِنْدِي لِلْكُوفِيِّينَ فِيمَا نَزَعُوا بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحَالِ

وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَجٌ مِنْ جِهَةِ الْمُقَايَسَاتِ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهَا وَجْهًا

وَكَذَلِكَ قَالُوا إِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ يُوجِبُ جَوَازَ الْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِلْمُحِيلِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُحِيلِ وَبَيْنَ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ

وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ كَمَا قَالُوا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَعْنَاهَا ابْتِيَاعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّطَوُّعَ بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَالذِّمَّةِ الَّتِي تَكُونُ عَنْ بَدَلٍ

وَالْكَلَامُ فِي هَذَا تَشْغِيبٍ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ وَشَغَبٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ الْحَوَالَةُ عَلَى الْمَلِيءِ لَازِمَةٌ رَضِيَ بِهَا أَوْ لَمْ يَرْضَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ ابتياع الذمم كَابْتِيَاعِ الْأَعْيَانِ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ وَالتِّجَارَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ

وَأَمَّا الْأَصْلُ فِي الضَّمَانِ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) يُوسُفَ ٧٢ أَيْ كَفِيلٌ وَحَمِيلٌ وَضَامِنٌ

وَمِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ (نُخْرِجُهَا عَنْكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يَرُدَّهَا ثُمَّ يُمْسِكَ) وَذَكَرَ تمام الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>