وَالْإِعْمَارُ عِنْدَهُمْ وَالْإِسْكَانُ سَوَاءٌ لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ رَقَبَةَ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَكَذَلِكَ الْإِفْقَارُ وَالْإِخْبَالُ وَالْإِطْرَاقُ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعَطَايَا لَا يَمْلِكُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَقَبَةَ الشَّيْءِ الْمُعْطَى وَإِنَّمَا تُمْلَكُ بِهِ مَنْفَعَتُهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ
١٤٤٨ - وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي (الْمُوَطَّأِ) بِأَثَرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ دَارَهَا قَالَ وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ مَا عَاشَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَسْكَنَ وَرَأَى أَنَّهُ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ كَانَ شَقِيقَ حَفْصَةَ وَالْمُنْفَرِدَ بِمِيرَاثِهَا فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ الدَّارُ بَعْدَ مَوْتِهَا لِأَنَّ الْإِسْكَانَ لَا يُمْلَكُ بِهِ إِلَّا الْمَنْفَعَةُ دُونَ الرَّقَبَةِ
وَكَذَلِكَ الْإِعْمَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَفِيمَا أَعْطَوْا يُرِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْعُمْرَى يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُعْمِرِ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي أُعْمِرَ إِلَّا مَنْفَعَتُهُ وَعُمْرُهُ لَا غَيْرَ
وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِحَدِيثِهِ الْمُسْنَدِ فِي هَذَا الباب عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي (الْمُوَطَّأِ) وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ رَوَى عَنْهُ (الْمُوَطَّأَ)
وَرَوَى عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُعَاتِبُ مُحَمَّدًا وَمُحَمَّدٌ يَوْمَئِذٍ قَاضٍ يَقُولُ لَهُ مَا لَكَ لَا تَقْضِي بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَى - يَعْنِي حديث بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ فَيَقُولُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَا أَخِي لَمْ أَجِدِ النَّاسَ عَلَى هَذَا فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ يُكَلِّمُهُ وَمُحَمَّدٌ يَأْبَاهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِحَدِيثِ الْعُمْرَى وَرَدَّهُ بِالْعَمَلِ عِنْدَهُ وَقَدْ أَخَذَ به بن شهاب وغيره
وروى معمر عن بن شِهَابٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا إِذَا قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صاحبها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute