هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ يَدَ الْمُلْتَقِطِ لَهَا لَا تَنْطَلِقُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْحَوْلِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَبْقَى مِثْلُهَا حَوْلًا دُونَ فَسَادٍ يَدْخُلُهَا
وَأَجْمَعُوا أَنَّ لِآخِذِ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ عَلَيْهَا أَكْلُهَا
وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ أَخَذِ اللُّقَطَةِ أَوْ تَرْكِهَا
فَرَوَى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ يَجِدُهَا الرَّجُلُ أَيَأْخُذُهَا فَقَالَ أَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ
قَالَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى تَعْرِيفِهِ فَإِنَّهُ يَجِدُ مَنْ هُوَ أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ يُعْطِيهِ فَيُعَرِّفُهُ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ فَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ
وَرَوَى يَحْيَى بن يحيى عن بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ جَمِيعًا قَالَ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَبَقَ أَوْ ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُضَيِّعْ لَمْ يَضْمَنْ
وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ
قال بن وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا وَاللَّيْثَ يَقُولَانِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ مَنْ وَجَدَهَا فِي الْقُرَى أَخَذَهَا وَعَرَّفَهَا وَمَنْ وَجَدَهَا فِي الصَّحَارِي فَلَا يَقْرَبْهَا
قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ وَلَا أُحِبُّ لِضَالَّةِ الْغَنَمِ أَنْ يَقْرَبَهَا أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يُجَوِّزَهَا لِصَاحِبِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَتِ اللُّقَطَةُ كَالْآبِقِ وَلَا كَالضَّالَّةِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا وَفِي حِفْظِهَا عَلَى صَاحِبِهَا أَجْرٌ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ وَلَا مُؤْذِيَةَ وَلَيْسَتْ ضَوَالُّ الْحَيَوَانِ كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُؤْنَةِ وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ عِبَادَهُ ذَلِكَ وَلَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاخْتَلَفَ بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الَّذِي يَأْخُذُ الضَّالَّةَ ثُمَّ يبدو له فيردها إلى مكانها
فقال بن الْقَاسِمِ إِنْ تَبَاعَدَ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَبَاعَدَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهِ لَهَا
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ