وَفِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ)
وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ انْطِلَاقُ يَدِ الْمُلْتَقِطِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحَوْلِ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَكْلِ لَهَا وَاسْتِنْفَاقِهَا أَوِ الصَّدَقَةِ بِهَا وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهَا إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ مُخَيَّرٌ بَعْدَ الْحَوْلِ في اكلها او الصدقة بها عمر وبن عمر وبن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ
وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْعِ اللُّقَطَةِ إِلَى مَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ دُونَ بَيِّنَةٍ
فَقَالَ مَالِكٌ يَسْتَحِقُّ بالعلامة
قال بن الْقَاسِمِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَيْهِ فَإِنْ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَضْمَنِ الْمُلْتَقِطُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ اللُّصُوصُ إِذَا وُجِدَ مَعَهُمْ أَمْتِعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ فَادَّعَوْهَا وَلَيْسَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّ السُّلْطَانَ يَتَلَوَّمُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ الْآبِقُ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهَا تُدْفَعُ لِمَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ
وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعِدَّتَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يُعَرِّفُهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ)
وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ يُوجِبُ طَرْحَ مَا خَالَفَهُ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ لَهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى مَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ وَيَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَ قَضَاءٍ
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ فَإِذَا عَرَّفَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعِدَّةَ وَالْوَزْنَ وَحَلَّاهَا بِحِلْيَتِهَا وَوَقَعَ فِي نَفْسِ الْمُلْتَقِطِ أَنَّهُ صَادِقٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا وَلَا أُجْبِرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ الصِّفَةَ بِأَنْ يَسْمَعَ الْمُلْتَقِطَ يَصِفُهَا