للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْنَى حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُلْتَقِطَ اللُّقَطَةِ إِذَا لَمْ يُعَرِّفْهَا وَلَمْ يَسْلُكْ بِهَا سُنَّتَهَا مِنَ الْإِشَادَةِ وَالْإِعْلَانِ بِهَا وَغَيَّبَ وَكَتَمَ ثُمَّ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً وَأَنَّهُ أَخَذَهَا وَضَمَّهَا إِلَى بَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ فِيهَا خَارِجٌ عَنِ الْأَمَانَةِ فَيَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِتَلَفِهَا

وَأَمَّا إِذَا عَرَّفَهَا وَأَعْلَنَ أَمْرَهَا وَسَلَكَ فِيهَا سُنَّتَهَا مِنَ الْإِشَادَةِ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْجَوَامِعِ وَشِبْهِهَا وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

فَهَذَا مَا فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي اللُّقَطَةِ

وَأَمَّا حُكْمُ الضَّوَالِّ مِنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ

فَقَالَ مَالِكٌ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ مَا قَرُبَ مِنَ الْقُرَى فَلَا يَأْكُلُهَا وَضَمِنَهَا إِلَى أَقْرَبِ الْقُرَى لِتُعَرَّفَ فِيهَا

قَالَ وَلَا يَأْكُلُهَا وَاجِدُهَا وَلَا مَنْ تُرِكَتْ عِنْدَهُ حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سنة كاملة او اكثر

كذا قال بن وَهْبٍ عَنْهُ

قَالَ وَإِنْ كَانَ لِلشَّاةِ صُوفٌ أَوْ لَبَنٌ وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْهُ بَاعَهُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ إِنْ جَاءَ

قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصِيبَ مِنْ نَسْلِهَا وَلَبَنِهَا بِنَحْوِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا

قَالَ وَإِنْ كَانَ تَيْسًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتْرُكَهُ يَنْزُو عَلَى غَنَمِهِ مَا لَمْ يُفْسِدْهُ ذَلِكَ

هَذَا كُلُّهُ إِذَا وُجِدَ بِقُرْبِ الْقُرَى مِنَ الْغَنَمِ

وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا فِي الْفَلَوَاتِ وَالْمَهَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْكُلُهَا وَلَا يُعَرِّفْهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ)

قَالَ وَالْبَقَرُ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السِّبَاعَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبِلِ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الشَّاةِ إِنْ أَكَلَهَا وَاجِدُهَا ضِمِنَهَا لِصَاحِبِهَا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَأْخُذُ الشَّاةَ بِالْفَلَاةِ وَيُعَرِّفُهَا فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا أَكَلَهَا ثُمَّ ضَمِنَهَا إِنْ جَاءَ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ عَلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لِلشَّاةِ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَكَلَ مِنْ لَبَنِهَا وَثَمَنِ صُوفِهَا وَقِيمَةِ نَزَوَاتِهِ عَلَى ضَأْنِهِ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِقِيَامِهِ عَلَيْهَا لَا يَسْتَحِقُّ عليه شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>