وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَرْبَعٌ مِنَ الْوَلَدِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا وَصِيَّةَ فِي مَالِهَا
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْخَيْرُ - يَعْنِي فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ - أَلْفُ دِرْهَمٍ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَنْ تَرَكَ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا فَلَا يُوصِ وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ) الْبَقَرَةِ ١٨٠ وَقَالَ الْخَيْرُ أَلْفٌ فَمَا فَوْقَهَا
وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ لِمَنْ أَوْصَى فِي كُلِّ مَالٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الثُّلُثَ
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ آيَةَ الْوَصِيَّةِ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمَوَارِيثِ
قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) كَانَتِ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمَوَارِيثِ
وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ في روايته عن بن عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَتْ مُرْسَلَةً فَمَعْنَاهَا صَحِيحٌ فِي الْبَيَانِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ إِذْ كَانَ لَا يَرِثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرُهُمْ إِلَّا وَصِيَّةً إِنْ كَانَ لِلْأَقْرَبِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ له ولد ورثه أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) النِّسَاءِ ١١ قَالَ فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِيرَاثَ الْأَبَوَيْنِ وَأَمَرَ بِوَصِيَّةِ الْأَقْرَبِينَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ (وَالْأَقْرَبُونَ الَّذِينَ تَجُوزُ لَهُمُ الْوَصِيَّةُ لَيْسُوا بِوَارِثِينَ) وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَأَنَّ الْمَنْسُوخَ مِنْ آيَةِ الْوَصِيَّةِ الْوَالِدَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا كَانَا عَلَى دِينِ وَلَدِهِمَا لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ - وَارِثَانِ لا يحجبان