ثُمَّ قَرَأَ (غَيْرَ مُضَارٍّ) النِّسَاءِ ١٢ إِلَى قَوْلِهِ (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) النِّسَاءِ ١٣ وَإِلَى قَوْلِهِ (وَمَنْ يعص الله ورسوله ويتعد حدوده) النِّسَاءِ ١٤
وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَازَتْ وَإِنْ ردوها فهي مردودة
ولهم في اجازتها إِذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ إِجَازَتَهُمْ لَهَا تَنْفِيذٌ مِنْهُمْ لِمَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَحُكْمُهَا حُكْمُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ
وَالْأُخْرَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ وَصِيَّةً أَبَدًا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ قِبَلِ الْوَرَثَةِ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى حُكْمِ الْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ عِنْدَهُمْ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ جَائِزَةٌ إِذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ حدثني حجاج عن بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ)
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ مسندا وانما هو من قول بن عباس كذلك رواية الثقات له عن بن جُرَيْجٍ وَإِنَّمَا رَفَعَهُ أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ لَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ وحسبهم ان يعطوه من اموالهم ما شاؤوا
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ إِنَّمَا مُنِعَ الْوَارِثُ مِنَ الْوَصِيَّةِ لِئَلَّا يَأْخُذَ مَالَ الْمَيِّتِ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ تَجْوِيزَ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ جَازَ فَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الموصي اذا اوصى في صحته او مرضه بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَتَاقَةُ رَقِيقٍ مِنْ رَقِيقِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بدا له