للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ تَكُنِ الْهِجْرَةُ (مُقْتَصَرَةٌ) فِي تَرْكِ الْوَطَنِ وَتَحْرِيمِ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ عَلَى الْأَبَدِ إِلَّا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ خَاصَّةً الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مِنْ أَهْلِهَا وَاتَّبَعُوهُ لِيَتِمَّ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ الْغَايَةُ مِنَ الْفَضْلِ الَّذِي سَبَقَ لَهُمْ فَعَلَيْهِمْ خَاصَّةٌ افْتُرِضَتِ الهجرة المفترض فيها البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم حَيْثُ اسْتَقَرَّ وَالتَّحَوُّلُ مَعَهُ حَيْثُ تَحَوَّلَ لِنُصْرَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ وَصُحْبَتِهِ وَالْحِفْظِ لِمَا يَشْرَعُهُ وَالتَّبْلِيغِ عَنْهُ

وَلَمْ يُرَخَّصْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْوَطَنِ وَتَرْكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ لِأَنَّ هِجْرَةَ دَارِ الْكُفْرِ حَيْثُ كَانَتْ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى كُلِّ مَنْ آمَنُ أَنْ يَهْجُرَ دَارَ الْكُفْرِ لِئَلَّا تَجْرِيَ عَلَيْهِ فِيهَا أَحْكَامُ الشَّيْطَانِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْمُقَامُ حَيْثُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ) فَلَمْ يُحَرِّمْ فِي هِجْرَتِهِ هَذِهِ حَالَةَ الرُّجُوعِ إِلَى الْوَطَنِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ إِذَا عَادَتْ تِلْكَ الدَّارُ دَارَ إِيمَانٍ وَإِسْلَامٍ

وَلَيْسَ أَهْلُ مَكَّةَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ بَاقِيَةً إِلَى الْمَمَاتِ وَهُمُ الَّذِينَ أُطْلِقَ عَلَيْهِمُ الْمُهَاجِرُونَ وَمُدِحُوا بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ

أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرْخَصُ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ تَمَامِ نُسُكِهِ وَحَجِّهِ

رَوَاهُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ خَلَّفَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَعْدٍ رَجُلًا وَقَالَ لَهُ (إِنْ مَاتَ بِمَكَّةَ فَلَا تَدْفِنْهُ بِهَا)

قَالَ سُفْيَانُ لِأَنَّهُ كان مهاجرا

وعن بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُوتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ (نَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>