للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيَوَانِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهُ وَتَغَيَّرَ أَوْ حَالَتْ أَسْوَاقُهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَلَمْ يَرُدَّهُ

وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَيْسَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِيهِ فَوْتًا عِنْدَهُمْ وَلَا يَفُوتُ الْعَقَارَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إِلَّا بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِبُنْيَانٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ غَرْسٍ

وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَوْتٌ أَيْضًا وَأَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فَاتَتْ مِنْ يَدِهِ بِبَيْعٍ ثُمَّ رُدَّتْ إِلَيْهِ وَرَجَعَتْ إِلَى مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ تَتَغَيَّرَ وَتُحَوَّلَ أَسْوَاقُهَا فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلٌ مَالِكٍ فَقَالَ مَرَّةً عَلَى أَيِّ وَجْهٍ رَجَعَتْ إِلَيْهِ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ سُوقُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا

وَقَالَ مَرَّةً لَا يَرُدُّهَا إِذْ قَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ يَعْنِي بِفَوْتِهَا بِالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَوْتًا إِذَا كَانَ مَلِيًّا بِالثَّمَنِ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ فَوْتِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا قَبَضَ فِي صِفَتِهِ وَكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ

هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ حِوَالَةَ الْأَسْوَاقِ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوِ النُّقْصَانِ فَوْتٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَصْحَابُهُ

وَأَمَّا الشافعي فتصرف المشتري في المبيع بيعا فاسدا باطلا لَا يَنْفُذُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ هِبَتُهُ وَلَا تَدْبِيرُهُ وَلَا عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا عِنْدَهُ وَيَرُدُّهُ بِحَالِهِ وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ وَعِتْقُ الْمُشْتَرِي لَهُ بَاطِلٌ فَإِذَا فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِذَهَابِ عَيْنِهِ وَفَقْدِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ لَزِمَهُ فِيهِ الْقِيمَةُ فِي حِينِ فَوْتِهِ وَذَهَابِ عَيْنِهِ لَا تُعْتَبَرُ سُوقُهُ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَهُ حُكْمُهُ كَالْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ

وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ شِرَاءً فَاسِدًا وَيَقْبِضُهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا أَوْ يَهَبُهَا أَوْ يَمْهَرُهَا فَتَصِيرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْهُ أَوْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمَمْهُورَةِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ وَفِعْلُهُ كُلُّهُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهَا أَوْ وَهَبَهَا إِلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَوِ افْتَكَّهَا قَبْلَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقَاضِي قِيمَتَهَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ إِنْ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ

قَالُوا وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>