للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيُرْوَى قَدْ دَانَ وَقَدْ أَدَانَ وَيُرْوَى بِلَا قَدْ

وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَرْوُونَهُ قَدْ دَانَ مُعْرِضًا كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ القاسم وبن بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ فَأَفْلَسَ فَإِنَّهُ أَرَادَ صَارَ مُفْلِسًا وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ ثُمَّ دَعَا غُرَمَاءَهُ لِيُقَسِّمُوهَا عَلَيْهِمْ

وَهَذَا شَأْنُ مَنْ أَحَاطَ دَيْنُ غُرَمَائِهِ بِمَالِهِ وَقَامُوا عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ يَطْلُبُونَهُ وَأَثْبَتُوا دُيُونَهُمْ عَلَيْهِ بِمَا لَا مَدْفَعَ فِيهِ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوهٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى

فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ فِي الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ بَعْدَ ذلك إِقْرَارِهِ لِأَنَّ حَبْسَهُ لَهُ تَفْلِيسٌ

وَإِنَّمَا قِيلَ مَنْ شَاءَ مِنْ غُرَمَائِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَا وَصَفْنَا التَّفْلِيسَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إِقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ

قَالَ وَإِذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْلِيسِ فَهُوَ حَجْرٌ أَيْضًا

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا حَبَسَهُ الْقَاضِي فِي الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى يُفَلِّسَهُ فَيَقُولُ لَا أُجِيرُ لَهُ أَمْرًا

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ صَدَقَتُهُ

وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُمَا هَذَا قَدْ قَالَ بِنَحْوِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَإِنْ لَمْ يَقِفِ السُّلْطَانُ مَالَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ عَلَى يَدِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ مِنْ أَجْلِ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ

وَأَمَّا قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ فَفِعْلُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَائِزٌ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَقَضَاءِ مَنْ شَاءَ مِنْ غُرَمَائِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَا وَصَفْنَا

وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ حاشا بن الْقَاسِمِ أَنَّ السَّفِيهَ الَّذِي لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا قَاضٍ أَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا نَافِذَةٌ حَتَّى يَضْرِبَ الْحَاكِمُ عَلَى يَدَيْهِ

وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ إِذَا رُفِعَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ التَّفْلِيسَ إِلَى الْقَاضِي أَشْهَدَ الْقَاضِي أَنَّهُ قَدْ أَوْقَفَ مَالَهُ فَإِذَا فَعَلَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ قَوْلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>