الصَّلَاةَ إِذَا طَهُرَتَا قَالَ هَؤُلَاءِ نِسَاءُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ فَعَلْنَ ذَلِكَ أَمَرْنَا نِسَاءَنَا بِهِ
وَرُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لَيَكُونَنَّ قَوْمٌ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ أُولَاهُمْ وَيَلْعَنُونَهُمْ وَيَقُولُونَ جَلَدُوا فِي الْخَمْرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمُوا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَمَنَعُوا الْحَائِضَ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ
وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ غَالِيَةِ الْخَوَارِجِ عَلَى أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا وَكُلُّهُمْ أَهْلُ زَيْغٍ وَضَلَالٍ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يَلْزَمُهَا غَيْرُ ذَلِكَ الْغُسْلِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَأْمُرْهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ لَزِمَهَا غَيْرُهُ لَأَمَرَهَا بِهِ
وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ رَأَى عَلَيْهَا الْغُسْلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلِقَوْلِ مَنْ رَأَى عَلَيْهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيِ النَّهَارِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْمُرْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ هَذَا وَلَا صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ
وَحَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ يَدْفَعُ الْغُسْلَ الَّذِي وَصَفْنَا
وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِالِاسْتِطْهَارِ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَمَرَهَا إِذَا عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَتَهَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَذَهَبَتْ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَلَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِانْتِظَارِ حَيْضٍ يَجِيءُ أَوْ لَا يَجِيءُ
وَالِاحْتِيَاطُ إِنَّمَا يَجِبُ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ لَا فِي تَرْكِهَا
وَلَا يَخْلُو قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْحَيْضَةِ إِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ انْقِضَاءَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا لِمَنْ تَعْرِفُ الْحَيْضَةَ وَأَيَّامَهَا أَوْ يَكُونَ أَرَادَ انْفِصَالَ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ لِمَنْ تُمَيِّزُهُ فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَقَدْ أَمَرَهَا عِنْدَ ذَهَابِ حَيْضَتِهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِاسْتِطْهَارٍ
وَقَالَ أَيْضًا مَنْ نَفَى الْاسْتِطْهَارِ السُّنَّةُ تَنْفِي الْاسْتِطْهَارَ لِأَنَّ أَيَّامَ دَمِهَا جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ اسْتِحَاضَةً وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ حَيْضًا وَالصَّلَاةُ فَرْضٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدَعَهَا حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّهَا حَائِضٌ
وَذَكَرُوا أَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا لَأَنْ تُصَلِّيَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ فَلَا تُتْرَكُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا بِالشَّكِّ فِيهِ
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْاسْتِطْهَارِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ