الَّذِي أَعْتَقَ وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلَاءُ فَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ ثُلُثَ عَبْدِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَتَّ عِتْقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ وَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي يَبُتُّ سَيِّدُهُ عِتْقَ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ أَعْتَقَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ كَمَا أَنَّ أَمْرَ الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ كُلِّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَتْقَنَ مَالِكٌ مَا ذكره في الموصي حِصَّتَهُ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَفِي الَّذِي بَتَلَ عِتْقَ حِصَّتِهِ فِي مَرَضِهِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى
وَخَالَفَهُ الْكُوفِيُّونَ فِي الْعِتْقِ الْبَتْلِ فِي الْمَرَضِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ
قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا أَعْتَقَ شَرِيكًا لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عِتْقَ بَتَاتٍ ثُمَّ مَاتَ كَانَ فِي ثُلُثِهِ كَالصَّحِيحِ فِي كُلِّ مَالِهِ
قَالَ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ النَّصِيبِ مِنْ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إِلَّا مَا أَوْصَى بِهِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ شِقْصٍ لَهُ مِنْ أَعْبُدٍ وَيُوصِي أَنْ يقوم عليه نصيب صاحبه
وقال بن سَحْنُونٍ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي الْمُوصِي بِعِتْقِ شِقْصٍ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ
وَكَانَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ يَقُولُ يُسْتَهَمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ثُلُثِهِ كَالصَّحِيحِ في جميع ماله
قال وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الشَّرِيكُ تَقْدِيمَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَهُ مُبَاحٌ
وَفِي (الْعَتْبِيَّةِ) رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْمُعْتِقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الَّذِي يَعْتِقُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَيَمُوتُ مِنْ وَقْتِهِ