للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَسَعَوْا فِي الْبَاقِي

وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ

وَقَالَ أَبُو حنيفة حكم كل واحد منهم ما دام يَسْعَى حُكْمُ الْمُكَاتَبِ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ هُمْ أَحْرَارٌ وَثُلْثَا قِيمَتِهِمْ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ يَسْعَوْنَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى الْوَرَثَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ الْكُوفِيُّونَ السُّنَّةَ الْمَأْثُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ إِمَّا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَوْ بِأَنْ لَمْ تَصِحَّ عَنْهُمْ وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عَرْضُ أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَوِ الْمَشْهُورَةِ الْمُنْتَشِرَةِ

وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْجَامِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ الْجَهْلُ بِالسُّنَّةِ وَلَا الْجَهْلُ بِصِحَّتِهَا عِلَّةٌ يَصِحُّ لِعَاقِلٍ الِاحْتِجَاجُ بِهَا وَقَدْ أَنْكَرَهَا قَبْلَهُمْ شَيْخُهُمْ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ

وَرَوَى مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ سَمِعَ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ سَيِّدُهُمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

قَالَ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي إِبْلِيسَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ لَهُ وُضِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ وَأَنْتَ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا قَالَ وَكَانَ حَمَّادُ رُبَّمَا صُرِعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ بَنَى الْكُوفِيُّونَ مَذْهَبَهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ الْمُعْتَقِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ قَدِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْعِتْقَ لَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِمْ مَالٌ يُخْرَجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَقَّ بِالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ عَتَقَ مَنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ لِقَوْلِهِمْ بِالسِّعَايَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُعْسِرٍ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي مَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُرَدَّ سُنَّةٌ بِمَعْنَى مَا فِي أُخْرَى إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالصَّوَابُ لَا شَرِيكَ لَهُ

وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ عِتْقَهُمْ فِي الْعَبِيدِ لِمَرَضِهِمْ وَصِيَّةٌ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بِوَالِدَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>