وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ بِقَوْلٍ صَحِيحٍ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَاحْتِجَاجُ مَالِكٍ بِذَلِكَ صَحِيحٌ حَسَنٌ جِدًّا إِلَّا إِنَّهَا مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ قَدِيمًا وَمَنْ بَعْدَهُمْ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَدَاوُدَ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جَعَلَ إِسْلَامَهُ عَلَى يَدَيْهِ مُوَالَاةً وَجَعَلَ لِمَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ وَالَى قَوْمًا أَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُمْ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ
قَالَ الزُّهْرِيُّ إِذَا لَمْ يُوَالِ أَحَدًا وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ
وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَهُ ولاؤه)
وروي عن عمر وعلي وعثمان وبن مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا الْمُوَالَاةَ وَوَرَّثُوا بِهَا
وَعَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ نَحْوُهُ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (أَيُّمَا رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَعَقَلَ عَنْهُ وَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ لَمْ يَرِثْهُ)
وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا وَالَاهُ عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ وَيَرِثَهُ عَقَلَ عَنْهُ وَوَرِثَهُ إِذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا
قَالُوا وَلَهُ أَنْ يَنْقُلَ وَلَاءَهُ عَنْهُ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ صِغَارِ وَلَدِهِ
وَلِلْمُولِي أَنْ يَبْرَأَ مِنْ وَلَائِهِ بِحَضْرَتِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ وَلَمْ يُوَالِهِ لَمْ يَرِثْهُ وَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وهذا كُلُّهُ فِيمَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَلَا ذُو رَحِمٍ
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِتْقُ الْمَرْءِ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في ذلك