قَتَادَةَ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ (الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ)
وَهَذَا الْإِسْنَادُ خَيْرٌ مِنَ الْإِسْنَادِ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَلَا رِقَّ عَلَيْهِ
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
أَحَدُهَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ الَّذِينَ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِهِ وَعَلَيْهِمُ السَّعْيُ فِيمَا بقي من كتابته لو لم يتخلفوا مَالًا وَلَا يُعْتَقُونَ إِلَّا بِعِتْقِهِ وَلَوْ أَدَّى عَنْهُمْ مَا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّهُمْ مُسَاوُونَ لَهُ فِي جَمِيعِ حَالِهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَجَعَلَ كَأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا وَيَرِثُهُ جَمِيعُ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ حُرًّا قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَمَنْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُمْ قَدِ اسْتَوُوا فِي الْحُرِّيَّةِ كُلُّهُمْ حِينَ تَأَدَّتْ عَنْهُ كِتَابَتُهُ
رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عن علي وبن مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا وَكُلُّ مَا يُخَلِّفُهُ مِنَ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ لَا الْأَحْرَارُ وَلَا الَّذِينَ وُلِدُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُعْتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ الَّذِينَ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَنْ يَسْعَوْا فِي بَاقِي الْكِتَابَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مِنْهَا