للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُونَ يَضْرِبُ السَّيِّدُ مَعَ غُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِمَّا تَرَكَ مِنَ الْمَالِ

قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ فَيَعْتِقُ وَيَصِيرُ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ أَهْلَ الدَّينِ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ لَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَهْلَ الدَّيْنِ أَحَقَّ بِهِ مِنَ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ وَهُوَ لَا مَالَ عِنْدَهُ إِلَّا مَا قَدِ اغترقه الدين ولا قوة به عَلَى الِاكْتِسَابِ فَقَدْ غَرَّهُ وَإِذَا غَرَّهُ فَقَدْ بَطَلَ مَا فَعَلَهُ مِنَ الْمُقَاطَعَةِ وَعَادَ فِي رَقَبَتِهِ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِفْلَاسِ الْمُكَاتَبِ فَقَالَ مَالِكٌ يَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ مَا وَجَدُوا وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى رَقَبَتِهِ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَبْتَدِأَهُ إِذَا أَسْلَمَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ

وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ ثُمَّ يُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ فَيَضَعُ عَنْهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ لِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ فَيَضَعُ عَنْهُ وَيُنْقِدُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الدَّيْنِ إِنَّمَا كَانَتْ قِطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا فِي أَنْ يَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ فَيَجِبُ لَهُ الْمِيرَاثُ وَالشَّهَادَةُ وَالْحُدُودُ وَتُثْبَتُ لَهُ حُرْمَةُ الْعَتَاقَةِ وَلَمْ يَشْتَرِ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمِ وَلَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ ائْتِنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ هَذَا دَيْنًا ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا لَحَاصَّ بِهِ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ اذا مات او افلس فدخل معهم فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فيها فكان بن عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجِيزُهُ فَخَالَفَ فِي ذلك ام سلمة وبقول بن عُمَرَ قَالَ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ فِي مَا يَمْلِكُهُ غَيْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ غَيْرَ نِجَامَتِهِ فَأَشْبَهَ الْحُرَّ وَالْأَجْنَبِيَّ فِي هَذَا الْمَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>