للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْطَلِقُ فَيَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فَيُصْدِقَهَا الصَّدَاقَ الَّذِي يجحف بماله وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهِ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ وَذَلِكَ بِيَدِ سَيِّدِهِ إِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَتَسَرَّى بِحَالٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمَا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَسَرَّى بِحَالٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ تَسَرِّي الْعَبْدِ فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ هَلْ يُكْتَبُ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ (أَنَّكَ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِي) قَالَ لَا قُلْتُ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَأَنْ يَبْتَغِيَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَالْخُرُوجُ مِنَ الطَّلَبِ قَالَ فَهَلْ يَكْتُبُ لَهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ إِنْ كَتَبَهُ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَّا بِإِذْنِهِ قُلْتُ لَهُ فَهَلْ يَقُولُ غَيْرُكَ إِنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَفَيَكْتُبُهُ إِذَا خَافَ غَيْرُكُمْ قَالَ نَعَمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَسْمَعْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَرَى وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيرًا

وَأَمَّا السَّفَرُ لِلْمُكَاتَبِ فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحِبُّونَهُ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يُجِيزُونَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَلَّا يُسَافِرَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ

وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ ابي حنيفة ومالك

ففي (المدونة) قال بن الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ الْقَرِيبُ الَّذِي لَا يَضُرُّ سَيِّدَهُ فِي نُجُومِهِ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ إِلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ مَا فِي (الْمُوَطَّأِ)

وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَافِرَ إِلَّا بِإِذْنِهِ فِي بَعْضِ الاقاويل وله ان يسافر بغير اذنه وان اشترطه عليه وللمكاتب ان يخرج فيسعى وكيف يسعى اذا منع من السفر

وقال بن الماجشون في كتابه اذا كان البلد ضيق المتاجر لم يجز شرطه عليه الا يسافر الا باذنه لِأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>