للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَيِّتِ إِلَّا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا

قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ حُسِبَتْ لَهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ فَصَارَ حُرًّا بِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِمُكَاتَبِهِ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ حُسِبَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ وَيُقَوَّمُ عَبْدًا فَإِذَا قَامَ ثُلُثُ سَيِّدِهِ الْأَوَّلُ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ أَوْ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ خَرَجَ حُرًّا

وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قُوِّمَتْ رَقَبَتُهُ عَبْدًا فِي قِيمَتِهِ فَإِنْ قُوِّمَتْ ذَلِكَ الثلث خرج حرا كما يقوم لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ أَوْ جَرَحَهُ جَارِحٌ قُوِّمَ عَبْدًا

وَقَوْلُهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ يَدُلُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ فِيمَا رَسَمَهُ غَيْرَ ذَلِكَ

وَقَدِ اختلف بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ بن الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بِعِتْقِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةِ الكتابة

ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) قَالَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوِ الْكِتَابَةِ نَفْسِهَا لَا قِيمَةِ الْمُكَاتَبَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَقْوِيمُ الْكِتَابَةِ فَوَاجِبٌ لِأَنَّهَا عِوَضٌ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَلَا وَجْهَ لِتَقْوِيمِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا فَيُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَغَى فِي الْقِيمَةِ الْأَقَلَّ مِنْهَا لِيَتَوَفَّرَ الثُّلُثُ وَلَا يَضِيقُ عَنْ سَائِرِ الْوَصَايَا

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيُجِيزُ الْوَصِيَّةَ بِمُكَاتَبَةِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذلك أَدَّى الْكِتَابَةَ إِلَى الْمُوصَى لَهُ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ عَقَدَ كِتَابَتَهُ

وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِرَقَبَتِهِ فَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا صَحِيحًا إِلَّا بِالْعَجْزِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا تَعْجِيزُهُ إِلَّا بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْعَجْزِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ قُوَّةٌ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ

وَقَدْ قَالَ إِنَّ الْوَصِيَّةَ بِرَقَبَتِهِ جَائِزَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ إِلَى كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>