للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَهُ مَالًا فَيُعْتِقُهُ فَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ مَالًا لِيُعْتِقَ مُدَبَّرَةُ وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ)

قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لَا يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَيْضًا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ ان السيد المدبر يواجره أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ مُدَّةً يَجُوزُ فِي مِثْلِهَا اسْتِئْجَارُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُدَبِّرُ أَحَدَهُمَا حِصَّتَهُ أَنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ أَنْ يُدَبِّرَ الرَّجُلُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ وَالْعَبْدُ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ وَيَبْقَى نَصِيبُ الَّذِي دَبَّرَ مُدَبَّرًا وَنَصِيبُ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي دبر نصفه اعتق نِصْفَهُ وَلَمْ يُقَوَّمَ النِّصْفُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ صَارَ إِلَى الْوَرَثَةِ

وَقَدْ أَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ نَقَضَ فِيهَا قَوْلَهُ (لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ بِإِجَازَتِهِ الْمُقَاوَمَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرِ انْتَقَضَ التَّدْبِيرُ وَصَارَ بَيْعًا لِمَا كَانَ دَبَّرَ مِنْهُ)

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ حِصَّتَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ فِي ذَلِكَ خَمْسَ خِيَارَاتٍ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي لَهُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا عَلَى شَرِيكِهِ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا

وَقَالَ فِي الْمُوسِرِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعِتْقِ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي مُدَبَّرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا إِذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>