للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ رَأَى آيَةَ التَّخْيِيرِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَنْسُوخَةً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله) الْمَائِدَةِ ٤٩ قَالُوا عَلَى الْإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَأَنِ احْكُمْ بينهم بما انزل الله) الْمَائِدَةِ ٤٩ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْكَ

قَالُوا وَالسُّنَّةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي (التَّمْهِيدِ) وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا ذَكَرُوا وَلَا يُثْبِتُ ما ادعوا

قال وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْيَهُودَ تَحَاكَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ فِيهِ ان اليهود جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْتُوا إِلَّا مُتَحَاكِمِينَ إِلَيْهِ رَاضِينَ بِحُكْمِهِ وَهُمْ كَانُوا الَّذِينَ إِلَيْهِمْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عِنْدَهُمْ ودعوه إلى الحكم بينهم وجاؤوه بِالتَّوْرَاةِ إِذْ دَعَاهُمْ إِلَيْهَا

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ايضا حديث ابي هريرة من رواية بن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِطُولِهِ مِنْ طُرُقٍ فِي (التَّمْهِيدِ)

وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَتْ يَهُودُ بِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ مِنْهُمْ زَنَيَا فَقَالَ (ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ) فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَا فَنَشَدَهُمَا كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ قَالَا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا

قَالَ فَمَا مَنْعَكُمَا أَنْ تَرْجُمَاهُمَا

قَالَ ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ فَجَاءَ أَرْبَعَةٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مُسْلِمِينَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلِذَلِكَ تَحَاكَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله اعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>