للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَهُوَ شَاهِدٌ بِأَنَّ الْأَمَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهَا حَتَّى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المومنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المومنات) النِّسَاءِ ٢٥ فَوَصَفَهُنَّ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) النساء ٢٥ والاحصان التزويج ها هنا لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِيمَانِ قَدْ تَقَدَّمَ

ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ جُلِدَتْ دُونَ الْحَدِّ وَقِيلَ بَلْ بِالْحَدِّ وَتَكُونُ زِيَادَةَ بَيَانٍ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِقَامَةِ السَّادَةِ الْحُدُودَ عَلَى عَبِيدِهِمْ

فَقَالَ مَالِكٌ يَحُدُّ الْمَوْلَى عبده وامته في الزنى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَلَا يَحُدُّهُ إِلَّا بِالشُّهُودِ وَلَا يَقْطَعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ

وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ السُّلْطَانُ دون المولى في الزنى وَفِي سَائِرِ الْحُدُودِ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ عَنْهُ يحده المولى في الزنى وَفِي سَائِرِ الْحُدُودِ

وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحُدُّهُ الْمَوْلَى فِي كُلِّ حَدٍّ

وَهُوَ قَوْلُ أَحَمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)

وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ منهم بن عمر وبن مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>