وقال زفر اذا زنت المرأة فعليه الْعِدَّةُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا كَمَا لَوْ رَأَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا عِنْدَهُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وبها حمل من زنى جَازَ النِّكَاحُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الزَّانِي وَغَيْرِهِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِ الزَّانِيَةِ الزَّانِي وَغَيْرِهِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا وَفِيهَا مَاءٌ خَبِيثٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ النِّكَاحُ فَاسِدٌ إِذَا كَانَ الحمل من زنى
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَزَادَ الثَّوْرِيُّ وَكَانَ الْحَمْلُ مِنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَتَزَوَّجُ الزَّانِي الزَّانِيَةَ إِلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حُجَّةُ مالك فانه قاس استبراء الرحم من الزنى بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي الْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمَفْسُوخِ لِأَنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الجميع كالنكاح الصحيح في العدة فكذلك الزنى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ رَحِمَ غَيْرِهِ فِي حُرَّةٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ قِيَاسًا عَلَى الْعِدَّةِ
وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْأُصُولِ لَا تُجِبْ إِلَّا بِأَسْبَابٍ تَقَدَّمَتْهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ الزنى بِسَبَبٍ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِزَوَالِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عِنْدَهُمْ فِيهِ عِدَّةٌ وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ فِي الْحَمْلِ مِثْلُهُ فِي اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ
وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ (غُلَامًا) وَجَارِيَةً فجرا ثم حرج عَلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الْغُلَامُ قَالَ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَنَّ عَلَيْهَا عِدَّةً مِنْ زِنًى وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
قَالَ وَلَا وَجْهَ لِمَنْ جَعَلَ مَاءَ الزَّانِي كَمَاءِ الْمُطَلِّقِ فَقَاسَهُ عَلَيْهِ وَأَبَاحَ لِلزَّانِي نِكَاحًا دُونَ عِدَّةٍ لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِيهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَعِبَادَةٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) الطَّلَاقِ ١ وَلِقَوْلِهِ (فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) الْأَحْزَابِ ٤٩
والعدة من الزنى لَوْ وَجَبَتْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّانِي فِيهَا حَقٌّ وَهُوَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ