للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اذا كان المقذوف حرا مسلما فليس ها هنا نَفْيُ قِيَاسٍ لِمَنْ أَنْعَمَ النَّظَرَ وَسَلِمَ مِنَ الْغَفْلَةِ وَمَنْ قَالَ الْحَدُّ إِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ الْقَاذِفُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا حُدِّ حَدَّ الْعَبِيدِ كما يضرب في الزنى نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ إِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ الْقَاذِفُ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

١٥٣٩ - مَالِكٌ عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ الْأَيْلِيِّ أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مِصْبَاحٌ اسْتَعَانَ ابْنًا لَهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَبْطَأَهُ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ يَا زَانٍ قَالَ زُرَيْقٌ فَاسْتَعْدَانِي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَجْلِدَهُ قال ابنه والله لئن جلدته لابوان على نفسي بالزنى فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَشْكَلَ عَلَيَّ أَمْرُهُ فَكَتَبْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ أَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنْ أَجِزْ عَفْوَهُ

قَالَ زُرَيْقٌ وَكَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا أَرَأَيْتَ رَجُلًا افْتَرَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبَوَيْهِ وَقَدْ هَلَكَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ إِنْ عَفَا فَأَجِزْ عَفْوَهُ فِي نَفْسِهِ وَإِنِ افْتَرَى عَلَى أَبَوَيْهِ وَقَدْ هَلَكَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَخُذْ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا

قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمُفْتَرَى عَلَيْهِ يَخَافُ إِنْ كُشِفَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ فَعَفَا جَازَ عَفْوُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ هَلْ هو لله عز وجل كالزنى لَا يَجُوزُ عَفْوٌ أَوْ هُوَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقَتْلِ يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَمَرَّةً قَالَ الْعَفْوُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ جَائِزٌ بَلَغَ الْإِمَامَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ

وَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ إِذَا بَلَغَ الْإِمَامَ

وَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ صَاحِبُهُ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ

وَهَذَا نَحْوُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَجَازَ فِيهِ الْعَفْوَ عَنِ الْقَاذِفِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ بَلَغَ الْإِمَامَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ

<<  <  ج: ص:  >  >>