للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جناح الذل من الرحمة وقل رب ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الْإِسْرَاءِ ٢٣ ٢٤

فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَبْنَاءَ بِبِرِّ الْآبَاءِ وَإِكْرَامِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا وَالدُّعَاءِ لَهُمَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا

وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَدَّ فِي الْكَبَائِرِ عُقُوقَ الْأَبَوَيْنِ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ

١٥٤٣ - مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَجُلٍ خَرَجَ بِجَارِيَةٍ لِامْرَأَتِهِ مَعَهُ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَهَا فَغَارَتِ امْرَأَتُهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَهَبَتْهَا لِي فَقَالَ عُمَرُ لَتَأْتِيَنِّي بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَأَرْمِيَنَّكَ بِالْحِجَارَةِ قَالَ فَاعْتَرَفَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَاضِحٌ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَآهُ زَانِيًا وَكَانَ مُحْصَنًا فَمِنْ ذَلِكَ أَخْبَرَهُ إِنْ لَمْ يُقِمِ الْبَيِّنَةَ رُجِمَ وَفِي اعتراف امراته له بعد شكواها به ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّبَهَاتِ تُسْقِطُ الْحُدُودَ وَاللَّهُ اعلم

وقد روى هذا الخبر بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

وَرَوَاهُ أَيْضًا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ فِيهِ فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ قَالَتْ صَدَقَ قَدْ كُنْتُ وَهَبْتُهَا لَهُ وَلَكِنْ حَمَلَتْنِي الْغِيرَةُ فَجَلَدَهَا عُمَرُ حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ أَوْكَدُ مِنْ حد الزنى أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ حُدُودٌ أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْقَتْلِ إِلَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ لِلْقَذْفِ ثُمَّ يُقْتَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَكَثِيرٍ مِنَ العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>