للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ ذَكَرْنَا فِي (التَّمْهِيدِ) اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ لِهَذَا الحديث عن مالك وعن بن شِهَابٍ أَيْضًا وَذَكَرْنَا طُرُقَهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ بن شهاب وتقصينا ذلك هنالك وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

وَنَذْكُرُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

١٥٥٣ - مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ لَقِيَ رَجُلًا قَدْ أَخَذَ سَارِقًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَشَفَعَ لَهُ الزُّبَيْرُ لِيُرْسِلَهُ فَقَالَ لَا حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ السُّلْطَانَ فَقَالَ الزُّبَيْرُ إِذَا بَلَغْتَ بِهِ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ

هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ وَيَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَدْخَلَ مَالِكٌ خَبَرَ الزُّبَيْرِ بَيَانًا لِحَدِيثِ صَفْوَانَ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعَطِّلَ حَدًّا مِنَ الْحُدُودِ الَّتِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِقَامَتُهَا عَلَيْهِ إِذَا بَلَغَتْهُ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَيْهَا إِذَا اسْتُتِرَتْ عَنْهُ وَبِأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِي ذَوِي الْحُدُودِ حَسَنَةٌ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَتِ الْحُدُودُ فِيهَا وَاجِبَةً إِذَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ

وَهَذَا كُلُّهُ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ عِلْمًا

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ الْفُرَافِصَةِ الْحَنَفِيِّ قَالَ مَرُّوا عَلَى الزُّبَيْرِ بِسَارِقٍ فَشَفَعَ لَهُ فَقَالُوا أَتَشْفَعُ لِلسَّارِقِ قَالَ نَعَمْ مَا لَمْ يُؤْتَ بِهِ إِلَى الْإِمَامِ فَإِذَا أُتِيَ بِهِ إِلَى الْإِمَامِ فَلَا عَفْوَ لَهُ عَنْهُ إِنْ عَفَا عَنْهُ

وروى بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ الْفُرَافِصَةِ أَنَّ الزُّبَيْرَ مَرَّ بِلِصٍّ قَدْ أُخِذَ فَقَالَ دَعُوهُ اعْفُوا عَنْهُ فَقَالُوا أَتَأْمُرُنَا بِهَذَا يَا أَبَا عبد الله وانت صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقال إِنَّ الْحُدُودَ يُعْفَى عَنْهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ إِلَى السُّلْطَانِ فَإِذَا رُفِعَتْ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إِنْ عُفِيَ عَنْهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَفْوَانَ (فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ) فَإِنَّهُ لَمْ يَهَبِ الرِّدَاءَ إِلَّا رَجَاءَ العفو عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>