وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ إِلْفٍ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَوْدٍ وَلِقَاحٍ وَأَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا كَانُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ مُرْتَدِّينَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُدْرِكُوا وَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتُرِكُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ يَكْدِمُونَ حِجَارَتَهَا حَتَّى مَاتُوا
قَالَ قَتَادَةُ فَبَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الارض فسادا) الْمَائِدَةِ ٣٣
وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ نَزَلَتْ فِي كُلِّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قَتَلَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْ عَلَى مَا نَذْكُرُ
فَمِنَ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَزَاءِ الْمُحَارِبِ هَلْ هُوَ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عَلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِيهِ
وَأَنْكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي الْمُحَارِبِينَ (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الْمَائِدَةِ ٣٤
وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا انْتَهَوْا وَتَابُوا مِنْ كُفْرِهِمْ غُفِرَ لَهُمْ كُلُّ مَا سَلَفَ وَسَقَطَ عَنْهُمْ كُلُّ مَا كَانَ لَزِمَهُمْ فِي حَالِ الْكُفْرِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ وَيَصِيرُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ جَنَوْهُ فِي مَالٍ أَوْ دم فدل ذلك على ان الاية تَنْزِلْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمُحَارِبِينَ يُؤْخَذُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute