للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى قَطْعِ من سرق الرطب من طعام أَوْ غَيْرِهِ إِذَا بَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَا قَطْعَ في سرقة ثمر من رؤوس النَّخْلِ وَلَا فِي حِنْطَةٍ إِذَا كَانَتْ سُنْبُلًا فِي سُنْبُلَتِهَا وَلَا فِي ثَمَرٍ وَلَا فِي كَثَرٍ فَإِذَا أُحْرِزَ الثَّمَرُ وَجُعِلَ فِي حَظِيرَةٍ وَأُغْلِقَ بَابٌ كَانَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ الْقَطْعُ

قَالُوا وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَا يَفْسَدُ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالطَّعَامِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ غَلَتْ قِيمَتُهُ وَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَشَبِ إِلَّا فِي السَّاجِ وَحْدَهُ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ

قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي (الْإِمْلَاءِ) الْقِثَّاءُ مِثْلُ السَّاجِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ

وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِيمَا لَا بَقَاءَ لَهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَهُمْ فِي بَابِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا

وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الثِّمَارِ وَذَكَرْنَا مِنَ الْخَشَبِ لِمَا جَرَى فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْهَا

وَلَمْ نَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ لِأَنَّ كِتَابَنَا هَذَا كِتَابُ (أُصُولِ الْفِقْهِ) لَمْ يُوضَعْ لِفُرُوعِهِ لِأَنَّهَا لَا تُحْصَى إِلَّا بِمَعْرِفَةِ أُصُولِهَا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْعَوْنِ وَالتَّوْفِيقِ لَا شَرِيكَ له

١٥٥٧ - مالك عن بن شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ جَاءَ بِغُلَامٍ لَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدَ غُلَامِي هَذَا فَإِنَّهُ سَرَقَ فَقَالَ عُمَرُ مَاذَا سَرَقَ فَقَالَ سَرَقَ مِرْآةً لِامْرَأَتِي ثَمَنُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا فَقَالَ عُمَرُ أَرْسِلْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ (خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَهُوَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي مَالِ زَوْجِ سَيِّدِهِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنِ اعْتَلَّ فِيهِ بِالْحِرْزِ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ عِنْدَهُمْ أَحَدٌ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ عَبْدٌ وَلَا حُرٌّ

وَيَدُلُّ هذا على أَنَّ مَا لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ بِالسَّيِّدِ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ غُلَامُهُ فَلَمَّا كَانَ السَّيِّدُ لَا يقطع في مال امراته لانه خائن ففعل ذَلِكَ كَانَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>