وَمَا تَرْجَمَ لَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْبَابَ وَأَوْرَدَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ عِنْدَهُمْ كُلُّ مُسْكِرٍ يَكُونُ مِمَّا كَانَ لِأَنَّهُ تَرْجَمَ الْبَابَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ ثُمَّ أَدْخَلَ حَدِيثَ الْبِتْعِ وَالْبِتْعُ شَرَابُ الْعَسَلِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ الْأُسْكَرْكَةِ وَهُوَ نَبِيذُ الْأُرْزِ ثُمَّ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ
وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ جِدًّا لِأَنَّ الْجَنَّةَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ فَمَنْ حُرِمَ ذَلِكَ فَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ وَالْقَائِلَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُسْكِرِ كُلِّهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ أَنَّهُ هُوَ الْخَمْرُ الْمُحَرَّمَةُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ
وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ
وَهُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْهَدُ بِهِ اللُّغَةُ فِي مَعْنَى الْخَمْرِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَعْرِفِ الصَّحَابَةُ غَيْرَهُ فِي حِينِ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حرام
هكذا روى هذا الحديث أيوب السختياني عن نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute